الصفح والتسامح
في سنة من السنوات كان هناك شاب مؤمن مطيعا لله تعالى وكان فقير ، في يوم من الأيام أشتد به الجوع والظمأ ولم يجد شيئا ليأكله ، فطلع ذاهبا لعله يجد طعاما ليسد جوعه الشديد ، فسار حتى انتهى به الطريق الذي كان يسير عليه ببستان كله اخضرار ملئ بالأشجار منها الخضروات والفواكه ، فانجذب بصره وفكره نحو هذا البستان الذي لا يكاد أن يصدقه هذا الشاب بسبب الجوع الشديد الذي كان يحس به ، فشاهد شجرة تفاح مثمرة فاقتطف منها ليأكل وبعدها جلس منهكا بالإرهاق والتعب والجوع حتى يكاد لا يستطيع حمل جسده ولا يستطيع المشي أو الوقوف ، فأكل تلك التفاحة التي أخذها من ذلك البستان ، وحينئذ رجع بيته بعد أن سد جوعه الشديد وكسب بعض الطاقة لجسمه ليواصل نبضه ، وبعد أن وصل البيت جلس وأنشغل باله بالتفكير كيف أخذت تلك التفاحة من البستان وهو مالٌ لمسلم ولم أستأذن منه ولم استسمحه في ذلك ؟! فقال في نفسه : لابد أن أذهب إلى صاحب البستان وأقول له عما فعلته لعله يسامحني ويصفح عني ، فذهب هذا الشاب المؤمن يبحث عن صاحب البستان فبعد مسير طويل وجده ، وقال له : يا عم أنني مضيت المسير في هذا الطريق بعد أن أشتد علي الجوع كثيرا ، ولم أجد شيئا لآكله . حتى وصلت إلى بستانك واقتطفت منه ثمرة تفاح لكي آكلها ، حيث لم أجد شيئا سواه ، فأتيت إليك لكي أستسمحك فيما فعلته من دون علمك وأذنك ، فجلس صاحب البستان يفكر في هذا الشاب المؤمن وقال له : أنني لا أسامحك أبدا ، ولكن سأسألك عن حقي الذي سرقته مني يوم القيامة . فجلس الشاب يتوسل لصاحب البستان لكي يسامحه ، وصاحب البستان لا يزداد إلا إصرارا وثباتا على رأيه ، فبكى الشاب لأنه يخاف من الله تعالى ومن حسابه يوم القيامة . فقال له صاحب البستان : أنا كنت أريد أن أرى ما إذا كنت ستهمل هذا الشيء أم أنك ستفعل ما فعلته الآن من إصرار وعزيمة على مسامحتك ، فأنا سامحتك لأنك إنسان مؤمن تخاف من ربك ، وأعطاه صاحب البستان بعض الشيء من بستانه ، وقال له الشاب : جزاك الله خيرا ، وإن شاء الله ينجيك من النار ويدخلك جنات النعيم ، ولن أنسى هذا الفعل الجميل الذي فعلته لي ، وأتمنى لبستانك الخير ومزيدا من العطاء بإذنه تعالى . فذهب إلى بيته وهو فرح ومطمئنا على حلال تلك التفاحة التي اقتطفها ، فذلك الصفح والتسامح هو من صفات الدين الإسلامي اليسير .